نجحت الجهود التي بذلت، في الأيام الأخيرة، من قبل كل من رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط ورئيس الحزب "الديمقراطي" النائب طلال أرسلان، في إطلاق عملية ترتيب البيت الداخلي الدرزي، بعد تفاقم الخلافات بين الجانبين في أكثر من مدينة وبلدة، على خلفية الإنتخابات البلدية والإختيارية الأخيرة.
أولى ثمار هذه الجهود كانت في مدينة الشويفات، حيث عقد لقاء مشترك بين الجانبين، في قاعة مكتبة الأمير شكيب أرسلان الدولية، بحضور مدير الداخلية في "الديمقراطي اللبناني" لواء جابر ومفوض الداخلية في "التقدمي الإشتراكي" هادي أبو الحسن، بالإضافة إلى رئيس دائرة الشويفات في "الديمقراطي" منير الريشاني ووكيل داخلية الشويفات في "التقدمي" مروان أبي فرج، لكن الأمور لن تتوقف عند هذا الحد، لأن مروحة الإتصالات والمشاورات إنطلقت لمعالجة كل الخلافات المناطقية بين الحزبين.
في هذا السياق، تكشف مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، أن هذا اللقاء كان متفقاً عليه بين الحزبين منذ فترة، وتشير إلى الإجتماع السابق بين كل من جنبلاط وأرسلان، لكنها تلفت إلى أن الخلافات بين الجانبين كانت قد تفاقمت كثيراً في الشويفات، وتعطي مثالاً على ذلك ما حصل خلال مأتم عضو المجلس المذهبي الدرزي فاروق الجردي، حيث حاولت عناصر من "الديمقراطي" منع وكيل داخلية الشويفات في المدينة من المشاركة فيه، ما أدى إلى حصول تدافع وإطلاق نار، قبل أن تتم معالجة المشكلة، من دون أن تنتهي الأزمة بين الحزبين.
وتؤكد هذه المصادر أن هذا الإشكال لم يكن الوحيد، بل أن العلاقة بين الحزبين كانت قد شهدت توتراً لافتاً منذ الخلاف على خوض الإنتخابات البلدية ضمن لائحة واحدة، حيث توضح أن العديد من الإشكالات الفردية سجلت بين مناصريهما، لكنها تشير إلى حرص كل من "المير" و"البيك" على إبقائها في إطارها الفردي منعاً لتفاقمها، الأمر الذي كان ليؤدي في حال حصولها إلى توتر الأوضاع في منطقة الجبل، وتضيف: "هذا الأمر بالنسبة لهما من الخطوط الحمراء منذ أحداث السابع من أيار الشهيرة".
في تفاصيل الإجتماع في الشويفات، تؤكد المصادر نفسها أن الأجواء كانت إيجابية، حيث عرض كل فريق الهواجس التي لديه بكل صراحة، ومن ثم تم الإتفاق على دعم المجلس البلدي المنتخب، الذي خاض الإنتخابات مدعوماً من أرسلان والعائلات، بالإضافة إلى رفع مستوى التنسيق وعقد لقاءات دورية لمعالجة أي خلاف، وترفض وصفه بـ"المصالحة"، على إعتبار أن العلاقة بين القيادتين "جيدة"، وتقول: "هو لقاء مصارحة والأمور ليست أكثر من خلافات داخل المدينة فقط"، لكن ماذا عن باقي الخلافات المناطقية؟
على هذا الصعيد، توضح المصادر المطلعة أن هناك خلافات حصلت في أكثر من مدينة وبلدة خلال الإنتخابات الأخيرة، إلا أن الصورة الفاقعة كانت في كل من حاصبيا والشويفات، مع العلم أن توجهات أرسلان وجنبلاط كانت العمل على الوصول إلى تفاهمات مشتركة لخوض الإستحقاق البلدي والإختياري ضمن لوائح موحدة، وتشدد على أن "البيك" و"المير" ما كانا ليسمحا بتفاقمها أكثر، لذلك تم إعطاء التوجيهات بالذهاب إلى عقد لقاءات تنسيقية من أجل معالجة ذيول المرحلة الإنتخابية.
إنطلاقاً من هذا الواقع، تشير هذه المصادر إلى أن الأمور لن تقف عند مدينة الشويفات، بل هي ستشمل كل المناطق التي حصلت فيها خلافات، وبالتالي الخطوة المقبلة قد تكون في مدينة حاصبيا أو راشيا، وتضيف: "الشويفات كانت البداية فقط".
وفي حين تصف المصادر نفسها ما يحصل بالعمل على إعادة ترتيب البيت الدرزي الداخلي، بهدف تحصينه في ظل ما يجري على مستوى المنطقة من أحداث وإمكانية أن يكون لها تداعيات على الساحة اللبنانية، تشير إلى أن الإجتماعات لا تشمل باقي الأفرقاء، نظراً إلى أنهم حلفاء لـ"الديمقراطي" أو "الإشتراكي"، وفي الأصل ليس هناك من خلافات كبيرة تذكر، يجب العمل على معالجتها.
في المحصلة، نجحت الجهود في إطلاق الخطوة الأولى من مدينة الشويفات، ضمن خطة تم الإتفاق على خطوطها العريضة بين "البيك" و"المير"، لكن هل ستنجح في الإنطلاق نحو باقي الأماكن؟